الأسد
1-تعريف الأسدالأسد حيوان ضخم من فصيلة السنوريات وأحد السنوريات الأربعة الكبيرة المنتمية لجنس النمر ، وهو يُعد ثاني أكبر السنوريات في العالم بعد الببر، حيث يفوق وزن الذكور الكبيرة منه 250 كيلوغراما (550 رطلا). تعيش معظم الأسود البرية المتبقية اليوم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا تزال جمهرة واحدة صغيرة مهددة بالانقراض تعيش في آسيا بولاية غوجرات في شمال غربي الهند. كان موطن الأسود شاسعا جدا في السابق، حيث كانت تتواجد في شمال إفريقيا، الشرق الأوسط، وآسيا الغربية، حيث انقرضت منذ بضعة قرون فقط. وحتى بداية العصر الحديث (الهولوسين، منذ حوالي 10,000 سنة)، كانت الأسود تُعتبر أكثر ثدييات اليابسة الكبرى انتشارا بعد الإنسان، حيث كانت توجد في معظم أنحاء إفريقيا، الكثير من أنحاء أوراسيا من أوروبا الغربية وصولا إلى الهند، وفي الأمريكيتين، من يوكون حتى البيرو.
يختلف أمد حياة الأسود باختلاف جنسها، فاللبوات التي تعيش في مناطق محميّة آمنة مثل منتزه كروغر الوطني قد تصل لما بين 12 و14 عاما، بحال تخطّت مخاطر ومشقات حياة الأشبال، بينما لا تتخطى الذكور 8 سنوات من حياتها إلا فيما ندر. إلا أن هناك وثائق تظهر أن بعض اللبوات عاشت حتى سن 20 عام في البرية. تسكن الأسود السفانا والأراضي العشبيّة عادة، إلا أنها قد تتواجد في أراضي الأشجار القمئية والغابات في بعض الأحيان. تعتبر الأسود حيوانات اجتماعية بشكل كبير مقارنة بباقي أعضاء فصيلة السنوريات، وتُسمّى المجموعة العائلية للأسود "زمرة" باللغة العربية، وهي تتألف من إناث مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة (أخوات، أمهات، خالات، جدّات...)، عدد من الصغار، وبضعة ذكور بالغة. تصطاد مجموعة الإناث مع بعضها في الغالب، حيث تفترس إجمالا الحافريات الكبرى، إلا أنها قد تلجأ للتقميم إن سنحت لها الفرصة. يُعدّ الأسد مفترسا فوقيّا أو رئيسيّا (لا يفترسه أي كائن حي آخر)، ونوعا أساسيّا أو عماديّا (من أنواع الحيوانات التي يرتكز وجود باقي الأنواع بتوازن على وجودها معها في نظام بيئي معيّن). على الرغم من أن الأسود لا تعتبر الإنسان طريدة طبيعية لها وغالبا ما تتجنبه، إلا أنه يُعرف عن البعض منها أنه أصبح آكلا للبشر في حالات محددة.
تصنّف الأسود على أنها من الأنواع المهددة بالانقراض بدرجة دنيا، حيث ارتفعت حدّة تراجع أعدادها من 30 إلى 50% في إفريقيا خلال العقدين الماضيين؛ ويعتبر أمل الجمهرات الباقية خارج المحميات والمنتزهات القومية ضعيف للغاية. وعلى الرغم من أن سبب التراجع هذا ليس مفهوما كثيرا، إلا أن فقدان المسكن والنزاع مع البشر يعتبران أكثر الأسباب إثارة للقلق. كان يُحتفظ بالأسود في معارض الوحوش منذ أيام الإمبراطورية الرومانية، كما كانت ابتداءً من أواخر القرن الثامن عشر، ولا تزال، من الأنواع الرئيسيّة التي يسعى الناس إلى عرضها في حدائق الحيوان عبر العالم. تتعاون الكثير من حدائق الحيوانات حول العالم حاليّا لإكثار الأسود الآسيوية المهددة بالانقراض عبر إخضاعها لبرنامج تزاوج مكثّف.
يمكن تمييز ذكر الأسد عن الأنثى بسهولة فائقة عن طريق النظر، فالأول يمتلك لبدة (شعر حول العنق) بينما لا لبدة للبؤة. يُعتبر رأس الأسد الذكر أحد أكثر الرموز الحيوانية انتشارا في الحضارة الإنسانية، حيث ظهر في العديد من المؤلفات الأدبية، المنحوتات، الرسومات، الأعلام، وفي الأدب والأفلام المعاصرة. وفي بعض الأحيان تستخدم صورة الذكر حتى ولو كان المراد بالأصل إظهار الأنثى، لأن لبدة الذكر المميزة تفرّق بين هذا النوع من السنوريات وغيره من الكبيرة منها.
إلا أنه تمّ إظهار اللبوة أيضا ووصفها في أوائل الكتابات والرسومات البشرية، حيث اعتبرت أنها بسالة الصيد بحد ذاتها، وصوّرت في أحيان على أنها أم محاربة جمعت بين صفات الحنان على أشبالها والمقدرة على الإطاحة بعدو يفوقها حجما. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، حيث تتعاون مع بعضها بأسلوب دقيق ومعقّد للإمساك بفريستها. تطوّر كل لبوة مهارات صيد محددة لتعلب بها دورها المعين بتقنية الصيد التي تلجأ إليها زمرتها، وعادة ما تلعب الدور نفسه خلال معظم عمليات الصيد. برز وصف اللبوات وهي تصطاد في مجموعة واحدة منذ آلاف السنين، حيث يرجع أقدم هذه الأوصاف إلى رسومات ومنحوتات عُثر عليها في كهفيّ لاسو وشوفيه في فرنسا، والتي يعود تاريخها لأواخر العصر الحجري.
وقد لاحظ البشر اللاحقين هذه العادات والصفات في اللبؤات، فصوّرت حضاراتهم التي وجدت في نفس المناطق التي قطنتها الأسود أكثر آلهتهم الحربيّة شراسة، بالإضافة لمحاربيهم، على صورة اللبوة، حيث كانوا يلقبون حكّامهم الذكور "بابن اللبوة". ومن الأمثلة المستمدة من أقدم التسجيلات المكتوبة الآلهة المصرية سخمت، باخت، تفنوت، ومسخنت، وقد عبد النوبيين القدماء اباداماك الرجل برأس أو وجه الاسد. ويُحتمل بأنه كان هناك آلهة مماثلة لها جميعها في ليبيا. وتُعد بعض الآلهة المصرية الأخرى معقدة للغاية، حيث تتخذ مظاهر متنوعة، كامرأة برأس لبؤة أو لبوة تتخذ أوضاع معينة.
توصف العديد من السنوريات الكبيرة التي تظهر في المنحوتات والرسومات القديمة على أنها نمور، إلا أنه عند التدقيق في تلك الصور يظهر أنها لبوات بحال كانت تمتلك خصلة من الشعر على ذيلها. فهذه الخصلة مميزة للأسود من بين السنوريات الكبرى جميعها، وعندما يمتلك السنور في الصورة هذه الخصلة ولا يمتلك لبدة فإن هذا يدل على أنها لبوة بالتأكيد على الرغم مما يقول به المحللين المعاصرين. كما أن وجود رقط على جسد تلك السنوريات في الرسوم لا يؤكد أنها نمور، إذ أن الأشبال تمتلك رقطا ورديّة الشكل أيضا، لذلك فإنه عند محاولة تحديد نوع السنور الممثل في الصور أو المنحوتات يجب دوما التأكد من الذيل فإن كان هناك خصلة شعر على أخره ولم يمتلك الحيوان لبدة نكون بصدد لبوة، وإن لم توجد هذه الخصلة فإنه يكون نمرا.
2- أصل التسميةفي العربية الأسد وجمعه أسود وأسد وآسد وآساد والأنثى أسدة ويقال لبؤة ولبوة. وللأسد العديد من الأسماء في اللغة العربية -
قال ابن خالويه: للأسد خمسمائة اسم وصفة- وزاد عليه علي بن قاسم بن جعفر اللغوي مائة وثلاثين اسماً فمن أشهرها: أسامة والبيهس والنآج والجخدب والحارث وحيدرة والدواس والرئبال وزفر والسبع والصعب والضرغام والضيغم والطيثار والعنبس والغضنفر والفرافصة والقسورة وكهمس والليث والمتأنس والمتهيب والهرماس والورد والهزبر، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. ومن كناه أبو الأبطال وأبو حمص وأبو الأخياف وأبو الزعفران وأبو شبل وأبو العباس وأبو الحارث. ويأتي اسم سبع من السّباع الذي يعني صاحب القوة.
3- تصنيف النوع و تطورهإن أقدم المستحاثات لحيوان شبيه بالأسد تمّ العثور عليها في موقع ليتولي بتنزانيا ويُقدّر عمرها بحوالي 3.5 مليون سنة؛ وقد قال البعض من العلماء أن هذا الأحفور يعود لأسد حقيقي وليس لسلف له. إلا أن تلك المستحاثات ليست محفوظة بصورة جيدة وما يمكن قوله بهذه الحالة أنها تعود لسنوّر شبيه بالأسود. أما أقدم الأحافير الموثقة والمؤكد أنها تعود لأسد في إفريقيا فيقدّر عمرها بمليونيّ سنة أقل من السابقة. إن أقرب السنوريات إلى الأسد هم الأنواع الثلاثة الأخرى من السنوريات الكبرى المنتمية لجنس النمر: الببر، اليغور، والنمر. أظهرت الدراسات الجينية والتشكليّة أن الببر كان أول من انفصل عن السلف المشترك لهذه السنوريات الأربعة، ومنذ 1.9 مليون سنة انفصل اليغور عن المجموعة المتبقية، والتي احتوت على أسلاف الأسد والنمر المعاصرين. ومن ثم إنشق كل من النمر والأسد عن بعضهما منذ حوالي مليون إلى 1.25 مليون سنة.
تطوّرت الأسود الحالية في إفريقيا خلال الفترة الممتدة بين مليون و800,000 سنة قبل أن تنتشر عبر الإقليم القطبي الشامل (المنطقة التي تشمل معظم آسيا عدا الجنوب الشرقي من القارة والهند، بالإضافة أوروبة وأقصى شمال إفريقيا، وأميركا الشمالية). ظهر الأسد في أوروبة لأول مرة منذ 700,000 سنة في منطقة إسرنيا في إيطاليا، وتعرف هذه السلالة البائدة من الأسود باسم الأسد الأحفوري (Panthera leo fossilis). ومن هذه السلالة تحدّر أسد الكهوف اللاحق (سلالة الكهوف، Panthera leo spelaea) الذي ظهر منذ حوالي 300,000 سنة. وخلال أوائل العصر الحديث الأقرب انتشرت الأسود عبر أميركا الشمالية والجنوبية حيث تطوّرت إلى الأسد الأميركي (السلالة الأميركية، Panthera leo atrox) إنقرضت الأسود من شمالي أوراسيا وأميركا عند نهاية العصر الجليدي الأخير، منذ حوالي 10,000 سنة؛ ويُرجّح أن اختفائها حصل بعد أن انقراض حيوانات البليستوسين الضخمة التي كانت تعتمد عليها في غذائها.
4- السلالاتالسلالة الاسيوية تُعرف بالأسد الآسيوي، الأسد الفارسي، الأسد الهندي، أو أسد جنوب آسيا. انتشرت هذه السلالة في الماضي عبر العديد من أنحاء آسيا من تركيا، عبر بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، شبه الجزيرة العربية، وصولا إلى باكستان، الهند، وحتى بنغلاديش. إلا أنها إنقرضت من جميع هذه المناطق شيئا فشيئا بسبب عيشها في زمر كبيرة ونشاطها النهاري، الأمر الذي جعل من صيدها يسير أكثر من صيد النمور والببور. يعيش اليوم قرابة 300 أسد منها بالقرب من، وفي غابة غير في الهند، وهناك مشروع لإعادة إدخالها إلى محميّة أخرى في نفس البلد.
السلالة البرية تُعرف بالأسد البربري أو أسد الأطلس، وهي منقرضة في البرية بسبب الصيد المكثّف الذي تعرضت له، إلا أنه يُحتمل وجود أفراد متبقية منها في الأسر. كانت هذه السلالة إحدى أكبر سلالات الأسد إن لم تكن أكبرها، حيث وردت تقارير تفيد بوصول طول بعض الذكور إلى ما بين 3 و3.5 أمتار (10 - 11.5 أقدام) ووزنها إلى أكثر من 200 كيلوغرام (440 رطلا). امتد موطن هذه السلالة عبر شمال إفريقيا من المغرب حتى مصر. قُتل آخر أسد بربري برّي عام 1922 في المغرب.
السلالة السنغالية (P. l. senegalensis)،
تُعرف بالأسد السنغالي أو أسد إفريقيا الغربية، توجد في إفريقيا الغربية، من السنغال حتى نيجيريا.
سلالة شمال شرق الكونغو تُعرف بأسد شمال شرق الكونغو، توجد في القسم الشمالي الشرقي من الكونغو.
السلالة النوبية تُعرف بأسد إفريقيا الشرقية أو أسد الماساي، توجد في إفريقيا الشرقية من الحبشة وكينيا، وصولا إلى تنزانيا وموزامبيق.
سلالة كاتنغا تُعرف بأسد جنوب غرب إفريقيا أو أسد كاتنغا، توجد في جنوب غرب إفريقيا، ناميبيا، بوتسوانا، أنغولا، كاتنغا (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، زامبيا، وزيمبابوي.
سلالة كروغر تُعرف بأسد جنوب شرق إفريقيا أو أسد الترانسفال، توجد في منطقة الترانسفال في جنوب شرق إفريقيا، بما فيها منتزه كروغر الوطني.
سلالة رأس الرجاء الصالح تُعرف بأسد رأس الرجاء الصالح، انقرضت في البرية قرابة العام 1860. أظهرت الدراسات الوراثيّة مؤخرا أن هذه الأسود قد لا تكون سلالة مستقلة، ويمكن القول بأنها، على الأرجح، أقصى جمهرات سلالة كروغر قطنا للجنوب.
5- الوصف الخارجيالأسد أطول السنوريات جمعيها (عند الكتفين)، وثاني أثقل أعضاء الفصيلة بعد الببر. يمتلك الأسد فك وقوائم قويّة، وأنياب يبلغ طول الواحد منها 8 سنتيمترات (3.1 إنش)، مما يمكنه من لإمساك بطرائد ضخمة تفوقه حجما. يتراوح لون الأسود من الأصفر اللامع إلى الضارب للصفار، المحمرّ، أو البني المغري القاتم. يكون القسم السفلي من الجسد أبهت من العلوي إجمالا، كما وتكون خصلة الشعر على الذيل سوداء. تولد الأشبال برقط بنية ورديّة على كامل جسدها، شبيهة برقط النمر، وعلى الرغم من أن هذه الرقط تزول عند وصول الأسد بمرحلة لبلوغ، فإنها تحتفظ بالبعض الباهت منها على قوائمها والقسم السفلي من جسدها، وبشكل خاص عند اللبوات. كان المصريون القدماء يصوّرون آلهتهم ذات شكل اللبوة برقطة ورديّة واحدة على أكتافهم.
الأسد هو نوع السنوريات الوحيد الذي يُظهر اختلافا جنسيّا بارزا للعيان بهذا الوضوح—أي أن الإناث والذكور تختلف بهيئتها عن بعضها البعض بشكل شديد الوضوح. كما أن لكل جنس دور محدد يلعبه بداخل الزمرة، فاللبؤة مثلا، وهي الصيّادة في المجموعة العائلية، تفتقد للبدة الذكر الكثيفة المرهقة التي قد تعيق قدرتها على التموّه عندما تحاول التسلل نحو فريستها، كما قد تسبب لها ارتفاعا في درجة حرارة جسدها عند المطاردة. يتراوح لون لبدة الذكر من الأشقر إلى الأسود، وعادةً ما يدكن لونها كلما تقدم الحيوان في السن.
يتراوح وزن الأسود البالغة عادةً بين 150 و 250 كيلوغراما (330-550 رطلا) للذكور وبين 120 و 182 كيلوغراما (264–400 رطلا) للإناث. تفيد بعض تقارير العالمين نويل وجاكسون أن هناك أسودا وصل وزن الذكور منها إلى 181 كجم والإناث 126 كجم؛ وقد وصل وزن أحد الأسود الذي اصطيد بالقرب من جبل كينيا 272 كجم (600 رطل). يميل حجم الأسود إلى الاختلاف باختلاف البيئة أو المنطقة التي تقطنها، الأمر الذي أدى إلى ظهور فروقات في أوزان الجمهرات المختلفة، فالأسود في أفريقيا الجنوبية مثلا يفوق وزنها وزن نظيرتها في أفريقيا الشرقية بنسبة 5% إجمالا.
يتراوح طول الرأس والجسد بين 170 و 250 سنتيمترا (5 أقدام و 7 إنشات، 8 أقدام وإنشين) لدى الذكور، وبين 140 و 175 سنتيمترا (4 أقدام و 7 إنشات، 5 أقدام و 9 إنشات) لدى الإناث؛ يبلغ ارتفاع كتف الذكر حوالي 123 سنتيمتر (4 أقدام) والأنثى 107 سنتيمترات (3 أقدام و 6 إنشات). يصل طول ذيل الأسد لما بين 90 و 105 سنتيمترات (قدمين و 11 إنش، 3 أقدام و 5 إنشات) بينما يتراوح طول ذيل اللبؤة بين 70 و 100 سنتيمتر (قدمين و 4 إنشات، 3 أقدام و 3 إنشات). كان أطول الأسود التي قيست يوما ذكرا أسود اللبدة، قُتل في جنوبي أنغولا في أكتوبر 1973؛ أما أثقل أسد معروف فكان آكلا للبشر أطلق عليه النار في شرق الترانسفال بجنوب إفريقيا عام 1936، وقد بلغ وزنه 313 كيلوغرام (690 رطلا).[39] تكون الأسود الأسيرة عادةً أكبر من تلك البريّة—وأثقل أسد أسير معروف كان ذكرا عاش في حديقة حيوانات كولشيستر بإنكلترا عام 1970، حيث بلغ وزنه 375 كجم (826 رطلا).
أحد أبرز المظاهر الخارجية التي يتشارك بها كل من الأسود واللبوات، هي خصلة الشعر التي تقع على آخر الذيل. وفي بعض الأسود تخفي هذه الخصلة زائدة عظميّة قاسية، يبلغ طولها 55 ميلّيمتر تقريبا، مشكلة من الأقسام الأخيرة من عظام الذيل الملحومة ببعضها. يُعد الأسد السنور الوحيد الذي يمتلك خصلة من الشعر على ذيله—ولا يزال الهدف من وراء الخصلة والزائدة العظميّة غير معروفا حتى الآن، وتكون الخصلة معدومة عند الولادة لكنها تبدأ بالظهور عندما يبلغ الشبل 5½ من الأشهر ومن ثم تصبح بارزة بشكل تام عندما يبلغ 7 شهور.
6- الأسد الابيضالأسد الأبيض ليس بسلالة مستقلة، بل مجرّد شكل فريد ذو حالة وراثيّة تعرف بالبياض أو عدم اللون، مما يجعل لون جلده باهتا بشكل كبير، أكثر من الببر الأبيض حتى؛ وتتشابه هذه الحالة مع حالة الداكنيّة، التي تتولّد عنها النمور السوداء. ولا تعتبر الأسود البيضاء مهقاء، إذ أنها تمتلك أصباغا لونيّة عاديّة في أعينها وجلدها، بينما الحيوان الأمهق لا يمتلك هذا مما يؤدي لولادته بعيون وأنف ورديّ.
تمّت رؤية أفراد من أسود الترانسفال البيضاء (من سلالة كروغر، Panthera leo krugeri) في وحول منتزه كروغر الوطني ومحمية طرائد تمبافاتي الخاصة المجاورة في بعض الأحيان، إلا أن هذه الأسود تعد مألوفة أكثر في الأسر، حيث يقوم مربيها بتزويجها انتقائيّا عن عمد. يعود السبب وراء امتلاك هذه الحيوانات معطفا قشدي اللون إلى أنها تمتلك مورثة غالبة تدحر المورثة التي تحمل اللون المصفر وتبرز بدلا منها. يُزعم أن الأسود البيضاء تُربى في بعض المخيمات بجنوب إفريقيا كي تستخدم في عمليات الصيد المعلب (الصيد بداخل منطقة مسيجة لا يستطيع الحيوان الهرب منها) حيث يدفع بعض الصيادين مبالغ طائلة مقابل احتفاظهم بتذكار صيد فريد كرأس أو جلد أسد أبيض.
لم يكن وجود الأسود البيضاء مؤكدا حتى أواخر القرن العشرين. فلمئات السنين السابقة، كان يُعتقد أن قصة وجودها وكل ما وصل عنها من أخبار ومعلومات ليس سوى أساطير ملفّقة تدور في جنوب إفريقيا، حيث كان يُقال أن الأهاب الأبيض للحيوان يمثل الطيبة في جميع المخلوقات.
وردت أولى التقارير التي تفيد برؤية هذه الحيوانات في أوائل القرن العشرين، واستمرت بالورود بشكل متقطّع نادر لحوالي خمسين سنة، إلى أن عُثر على بطن من الأشبال البيضاء في محمية طرائد تمبافاتي الخاصة عام 1975.
7- الحمية و الصيدالأسود حيوانات قويّة تصطاد عادةً في مجموعة منظمة وتختار فريسة واحدة محددة. إلا أنه لا يُعرف عنها قدرتها على التحمّل - فوزن قلب اللبؤة مثلا، يشكل ما نسبته 0.57% فقط من إجمالي وزن جسدها (والذكر حوالي 0.45%)، بينما يقارب وزن قلب الضبع 1% من إجمالي وزن الجسد، وبالتالي فإنه وإن كانت اللبوات قادرة على الوصول إلى سرعة 59 كيلومتر في الساعة (40 ميل في الساعة) فإنها لا تستطيع الحفاظ على هذه السرعة إلا لفترة قصيرة، لذا يجب أن تكون قريبة من طريدتها بما فيه الكفاية قبل أن تهاجم. تستغل الأسود أي عامل من شأنه أن يقلل من احتمال رؤيتها من قبل الطريدة؛ حيث تتم معظم عمليات الصيد بالقرب من مصدر جيّد للتخفي كالأعشاب العالية أو التلال، أو أثناء الليل. تتسلل الأسود نحو ضحيتها حتى تصبح على مقربة 30 متر تقريبا (98 قدم)، وتقوم اللبؤات عادةً بإحاطة القطيع من عدة نواح، وما أن تقترب بما فيه الكفاية حتى تنتقي أقرب أفراد القطيع إليها. يكون الهجوم سريعا وقصيرا؛ حيث تميل إلى إمساك ضحيتها عبر اندفاع سريع نحوها ومن ثم القفز عليها من الخلف. تُقتل الطريدة بواسطة الخنق، مما يسبب لها إقفارا دماغيا أو أزمة قلبية بسبب انقطاع الأكسجين عنها. يمكن أن يقتل الأسد طريدته أيضا عن طريق إطباق فكيه على فمها (مما يسبب لها اختناقا أيضا)، أما الطرائد الصغيرة فقد تُقتل بواسطة ضربة وحيدة من كف الأسد.
تتألف طرائد الأسود من الثدييات الكبيرة إجمالا، وهي تظهر تفضيلا للنو، حمر الزرد، الإمبالا، الجواميس الإفريقية، والخنازير الثؤلولية في إفريقيا، وللنلجاي، الخنازير البرية، والعديد من أنواع الأيائل في الهند، كما كانت تصطاد أنواعا أخرى من الطرائد في موطنها السابق الممتد عبر أوراسيا مثل الأحصنة البرية، البيزون الأوروبي، الأرخص، الأيل الأحمر، وحتى الموظ. تصطاد الأسود حاليّا أنواعا عديدة أخرى من الحيوانات، بناءً على مدى توفرها، وهذا يشمل بشكل رئيسي، الحافريات التي يتراوح وزنها بين 50 و 300 كجم (110–660 رطلا) من شاكلة المرامري (الكود)، الثيتل، مها إفريقيا الجنوبية (الجمزبوكة)، والعلند (البُقة). وفي بعض الأحيان قد تمسك بأنواع أصغر حجما مثل غزال طومسون والظبي القفّاز (القوفز)، وهناك البعض من الأسود الذي يقتات بشكل حصري تقريبا على نوع محدد من الفرائس، مثل الأسود القاطنة بالقرب من ساحل صحراء ناميب والتي تفترس فقمات الفراء بشكل مكثّف. تستطيع الأسود التي تصطاد في جماعات أن تمسك بمعظم أنواع الحيوانات التي تقابلها، بما فيها الصحيّة حتى، ولكنها نادرا ما تهاجم الطرائد الضخمة جدا مثل ذكور الجواميس، أو ذكور الزرافات البالغة بسبب احتمال إصابتها بجراح بالغة في هكذا معركة مما قد يقتلها أو يقعدها.
أظهرت إحصائيات مكثفة جمّعت عن طريق عدد من الدراسات أن الأسود عادةً تقتات على الثدييات التي يتراوح وزنها بين 190 و 550 كيلوغراما (420–1210 أرطال). يتصدر النو قائمة طرائد الأسد المفضلة (حيث يُشكل نصف ما تفترسه الأسود تقريبا في السيرنغتي بشرق أفريقيا) يليه حمار الزرد، وتُستبعد عادة معظم أفراس النهر البالغة، وحيدة القرن، الفيلة، والغزلان الصغيرة الحجم، الإمبالا، وغيرها من الظباء الرشيقة. إلا أن الزرافات والجواميس تعتبر من ضمن الطرائد المألوفة في بعض المناطق، كما في منتزه كروغر الوطني حيث تصطاد الأسود الزرائف بشكل منتظم، ومنتزه مانيارا الذي تشكّل الجواميس الإفريقية فيه حوالي 62% من حمية الأسود، بسبب غزارة أعدادها. قد تفترس الزمرة في بعض الأحيان النادرة أفراس النهر البالغة أيضا، أما وحيدات القرن البالغة فعادةً ما يتم تجنبها. ومن الطرائد التي تقتات عليها الأسود بحال توافرها الخنازير الثؤلولية، على الرغم من أن وزنها يقل عن 190 كجم (420 رطلا)، وفي بعض المناطق تختص هذه السنوريات بصيد نوع محدد من الفرائس؛ كما هي الحال في نهر سافوتي ببوتسوانا، حيث تقتات على الفيلة بشكل مكثّف. وقد أفاد المرشدون في المنطقة أن الأسود دفعها الجوع الشديد إلى مهاجمة الدغافل في بداية الأمر، ثم انتقلت إلى الفيلة المراهقة، وفي بعض الأحيان أمسكت بفيلة بالغة تحت جنح الظلام، أي في الفترة التي يكون فيها نظر الفيلة ضعيفا. تفترس الأسود الماشية المستأنسة كذلك الأمر، ففي الهند تشكّل الأبقار والجواميس المستأنسة جزءًا مهمّا من حميتها، وتعتبر قادرة على قتل ضوار أخرى من شاكلة النمور، الفهود، الضباع، والكلاب البرية، إلا أنها (على العكس من معظم السنوريات الأخرى) نادرا ما تفترس منافسها بعد قتله. تقمم الأسود أيضا جيف الحيوانات التي ماتت لأسباب طبيعية أو قتلها مفترس أخر، وهي تبقى متنبهة للنسور الحائمة في الجو، إذ أنها تفيد بوجود ميتة ما أو حيوان ينازع. تتخم الأسود أنفسها عند الاقتيات حيث قد يأكل الواحد منها 30 كيلوغرام (66 رطل) من اللحم في جلسة واحدة؛ وإن كان غير قادر على التهام الطريدة بأكملها فسوف يستريح لبضعة ساعات قبل أن يعاود الأكل، وفي الأيام الحارّة قد تلجأ الزمرة إلى الظلال لتهضم طعامها، وتترك ذكر واحد أو إثنين للحراسة. تحتاج اللبؤة البالغة إلى 5 كيلوغرامات (11 رطلا) من اللحم يوميّا، بينما يحتاج الذكر إلى 7 كيلوغرامات (15.4 أرطال).
يزيد الصيد الجماعي للبوات من نسبة احتمال إمساكها بطريدة، خصوصا وأنها تصطاد في المساحات المفتوحة مما يمكن الطرائد من رؤيتها من على بعد شاسع؛ ويزيد أسلوب الصيد هذا أيضا من نسبة احتمال إمساكها بإحدى الطرائد الضخمة. ويُمكن العمل الجماعي أيضا الأسود من الدفاع عن طريدتها بشكل أفضل ضد الضواري الكبيرة الأخرى مثل الضباع التي تستدل بسهولة على موقع الاقتيات عن طريق رؤية النسور الحائمة فوقه في السفانا المفتوحة. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، وفي صيد نمطيّ، تحتل كل لبوة موقع مفضّل لها بداخل المجموعة، فإمّا تتسلل نحو الطريدة على "جناح" المجموعة ومن ثمّ تهاجمها، أو تتقدم لمسافة قصيرة في وسط المجموعة ومن ثم تهاجم الفريسة الهاربة من اللبؤات الأخرى.
لا تشارك ذكور الأسود المسيطرة على زمرة في الصيد عادةً، إلا عندما تكون الطريدة ضخمة جدا مثل الزرافة أو الجاموس. أما الذكور العازبة التي لم تسيطر على زمرة خاصة بها بعد فتكون مضطرّة للصيد بنفسها، وقد تمّ رؤية وتوثيق أسود ذكور وهي تصطاد في مجموعة. تُظهر الأشبال سلوك التسلل لأول مرة عندما تبلغ من العمر 3 أشهر، ولكنها لا تشارك في الصيد الفعلي إلا عندما تبلغ حوالي السنة من العمر، وتبدأ بالصيد بفعالية عندما تقارب عامها الثاني.
8- الانتشار و المسكنتتواجد الأسود في أفريقيا بأراضي السفانا العشبيّة ذات أشجار السنط المتناثرة التي تلجأ إلى ظلالها في فترات النهار الأكثر حرّا؛ أما في الهند فمسكنها عبارة عن مزيج من غابات السفانا الجافة وغابات الأشجار القمئية النفضيّة الجافة أيضا. ومنذ فترة قصيرة نسبيّا كان مسكن الأسود يشمل القسم الجنوبي من أوراسيا، أي المنطقة الممتدة من اليونان حتى الهند، ومعظم إفريقيا عدا القسم الأوسط ذي الغابات المطريّة والصحراء الكبرى. ذكر هيرودوتس أن الأسود كانت مألوفة في اليونان قرابة العام 480 قبل الميلاد؛ وقد هاجمت قافلة جمال الملك الفارسي خشایارشا الأول خلال غزوه البلاد. يقول أرسطو أن الأسود أصبحت نادرة في اليونان بحلول عام 300 ق.م. وبحلول عام 100م كانت قد انقرضت نهائيا. استمرت جمهرة صغيرة من الأسود الآسيوية بالتواجد في القوقاز حتى القرن العاشر، وتُعد هذه المنطقة المكان الأخير في أوروبة الذي تواجدت فيه الأسود بشكل بري.
إنقرضت الأسود من فلسطين ولبنان بحلول القرون الوسطى، ومن معظم آسيا في القرن الثامن عشر بعد وصول الأسلحة النارية الحديثة. وفي الفترة الممتدة بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت الأسود قد اختفت كليّا من شمال إفريقيا والشرق الأوسط.نفق آخر أسد في تركيا وأقصى شمال الهند خلال أواخر القرن التاسع عشر، أما آخر مشاهدة لأسد حيّ في إيران فكانت عام 1941 بين شيراز وجهرم بمحافظة فارس وفي عام 1944 وجدت جيفة آخر لبوة على ضفاف نهر كارون في محافظة خوزستان، إلا أنه على الرغم من ذلك لا توجد تقارير موثقة من إيران يمكن الاستناد إليها في هذا الموضوع. تعيش السلالة الآسيوية اليوم بداخل وفي المنطقة المحيطة بغابة غير الواقعة في شمال غرب الهند بولاية غوجرات، وتأوي هذه الغابة البالغة مساحتها 1,412 كلم² (558 ميل مربّع) حوالي 300 أسدا تزداد أعدادها ببطء.
كانت الأسود تُعتبر أكثر ثدييات اليابسة الكبرى انتشارا بعد الإنسان حتى أواخر العصر الحديث الأقرب (البليستوسين، منذ حوالي 10,000 سنة)، حيث كانت توجد في معظم أنحاء إفريقيا، الكثير من أنحاء أوراسيا من أوروبا الغربية حتى الهند، وعبر جسر بيرينغ وصولا إلى الأمركيتين، من يوكون حتى البيرو. كانت بعض أقسام هذا الموطن تقطنها سلالات أصبحت اليوم في عداد الحيوانات المنقرضة.
وهذا فلم وثائقي عنه